عنوان: مسرحية “خيال صحرا”: الرقص على خط التماس
يتناول الكثيرون فن الكتابة بطريقة تجعلها ملتصقة بالألم والفاجعة، ويرى البعض أن هذا الأسلوب يعكس محاولة الكتّاب لاستنزاف الألم من خلال كتابة قصصهم. إننا كمتلقين نجد أنفسنا غالباً ما نتورط في هذا الألم، حيث يعكس الكتّاب قضايا عصرهم بينما نحن نحاول تجنب الألم. ربما نكون مشاركين غير مباشرين في هذه اللعبة المعقدة التي تحكم حياتنا.
تستمر العروض الناجحة لمسرحية “خيال صحرا” للكاتب جورج خباز والممثل عادل كرم، حيث عبر خباز عن سعادته بتفاعل الجمهور واستمرار نجاح المسرحية. يقول خباز: “نشعر بالفخر بجمهورنا الذي يملأ الصالة يومياً، فهو يعكس الفرح والضحك والتفاعل والتأثر. شكراً لثقتكم المستمرة، فالمسرح لا يمكن أن يستمر بدونكم، فهو تعبير فني يتجدد في كل الأوقات”.
قد لا يسعى الكتّاب المحاطون بأفكارهم الخاصة لإيجاد حلول نهائية في أعمالهم الفنية، لكنهم يحاولون تطهير أنفسهم واستكشاف أعماقهم من خلال كتابة قصصهم. يسعون لجعل قضاياهم مفهومة للآخرين من خلال لغة يمكن للجميع فهمها. إن الفن يلعب دوراً هاماً في توفير حلول للقضايا التي يتناولونها.
مسرحية “خيال صحرا” التي تأليف جورج خباز وإخراجه وبطولته، بالإضافة إلى عادل كرم، تنتظرها الجماهير اللبنانية وزوار لبنان في شهر أغسطس. وقد عقدت جلسة صحفية في كازينو لبنان للاستماع إلى خباز وكرم يتحدثان عن هذا العمل المسرحي الذي يعد بأن يجذب الانتباه والاعجاب كما يفعل جميع أعمالهما. إن خباز دائماً يبهر جمهوره بروحه الفكاهية وقدرته على إحداث التأثير الإيجابي في نفوس المشاهدين.
من خلال متابعة أعمال الفنان جورج خباز، يمكننا فهم القضايا التي يتناولها والرسائل التي يحاول توصيلها. هل جلبت مسرحية “خيال صحرا” شيئاً جديداً؟ تعتبر العناوين التي تغمرنا بأفكارها بمثابة بوابة للتساؤلات، حيث يجعلنا خباز نتأمل في أعماله بشكل مختلف.
في هذه المسرحية، يقدم خباز قصة عن الحرب التي شهدتها لبنان وشطرته إلى جزئين، ويعرض الصراع الذي يحدث عند خط التماس بين اللبنانيين. يظهر الأعداء وهما يواجهان بعضهما البعض بكل قوتهم وتعصبهم واعتقاداتهم الدينية. ومن خلال توقف اطلاق النار خلال فترة من الهدنة في بيروت خلال السبعينيات، يعيد القدر فتح باباً زمنياً يسمح لكل شخص بسرد قصته وطموحاته للآخر.
يحلل خباز أسباب الحرب ويكشف عن الجوانب النفسية والاجتماعية والدينية التي جعلت كل شخص يشارك في الحرب. على الرغم من التناقضات بينهم، يظهر أنهما يتقاسمان العديد من القضايا والأحلام. وفي لحظة الحلم، يبدأ الرقص الذي يجمع الجميع ويجعلهم يتحركون بدون قيود.
وفي ختام المسرحية، يظهر الحلم بوصفه واقعاً خفيفاً ينقلب على الزمن والحرب. يتناول خباز وكرم عناصر الحياة اليومية في لبنان والمشاكل التي يواجهها اللبنانيون. يعكسون الخوف والقلق الذي يعيشه الناس أمام عدم اليقين والتحديات الاقتصادية.
توضح مسرحية “خيال صحرا” الحالة الثقافية والتاريخية في لبنان وتسلط الضوء على الخسائر الروحية التي يتكبدها اللبنانيون. تعكس الحاجة الماسة للتجذر والبحث عن الهوية والانتماء. إنها تعكس القلق الدائم والحاجة الملحة للتغيير في دولة تعاني من الانقسامات والتحديات.
باختتام العرض، يثير خباز تساؤلات حول الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، ويسلط الضوء على التحديات التي يواجهها اللبنانيون. يجسد الوضع الحالي للبلاد من خلال عمله الفني، ويدفع المتلقين إلى التفكير في الحلول الممكنة والتغيير الضروري.
من خلال “خيال صحرا”، يدخل خباز عالماً من الأحلام والواقع، ويجعلنا نتساءل عن مستقبل لبنان وعن كيفية التغلب على التحديات الحالية. يعكس العمل الفني هذا الواقع المعقد بشكل مباشر ويدفعنا للتفكير بعمق في مستقبلنا ومسؤولياتنا كمواطنين.